رؤية من (10) محدّدات لاستقلالية 《الضمان》وحوكمتها
الضمان كمؤسسة مستقلة ونموذج يحاكي البنك المركزي؛
رؤية من (10) محدّدات لاستقلالية "الضمان" وحوكمتها
يتمتع البنك المركزي الأردني بشخصية اعتبارية مستقلة بموجب قانونه، ويدير شؤونه مجلس إدارة مكوّن من ( 9 ) أشخاص (المحافظ ونائبان للمحافظ وستة أعضاء) والمحافظ هو رئيس المجلس، والجميع يتم تعيينهم من قِبل مجلس الوزراء.
هذا النموذج التنظيمي لإدارة مؤسسة سيادية مستقلة مثل البنك المركزي الأردني مهم وضروري لطبيعة البنك المركزي ومهمته الأساسية في رسم السياسة النقدية للدولة والحفاظ على استقرارها.
لكن من وجهة نظري، هذا لا يتناسب تماماً مع طبيعة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، التي تتمتع باستقلالية مالية وإدارية بموجب قانون الضمان الحالي ويدير شؤونها مجلس إدارة مكون من ( 15 ) شخصاً يرأسه وزير العمل بصفته الوظيفية. ويكون كل من مدير عام المؤسسة ورئيس صندوق استثمار أموال الضمان عضوين في المجلس، إضافة إلى نائب محافظ البنك المركزي المختص بالاستثمار وممثل عن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، إضافة إلى (5) أعضاء يمثلون العمال من بينهم عضو عن النقابات المهنية و (5) يمثلون أصحاب العمل من بينهم عضو عن النقابات المهنية.
وهو تمثيل ثلاثي متوازن ومقبول، لكن هذه التشكيلة وإنْ بدت متوازنة إلا أن الصلاحيات الممنوحة لمجلس الإدارة تبدو منتقصة بسبب النص على وجود مجلسين؛ مجلس التأمينات، ومجلس استثمار أموال الضمان، حيث لم يوضح القانون حدود المسؤولية الحاسمة في المؤسسة أمام الرأي العام والحكومة والأجهزة الرقابية ومجلس النواب، إضافة إلى ضعف الآلية المحددة بتعيين مدير عام المؤسسة ورئيس صندوق الاستثمار ورئيس مجلس الاستثمار، وكيف تم إفقاد مجلس الإدارة لأي صلاحية تتعلق بالموضوع.
التنظيم الهيكلي الحالي للمؤسسة يجعلها أمام عدة شخصيات مسؤولة قانوناً، لكن حدود المسؤولية تائهة بشكل كبير بسبب تعدد الرؤوس والمجالس المسؤولة وتداخل صلاحياتها ومسؤولياتها بعضها ببعض. وهو ما خلق إشكالية في حوكمة المؤسسة.
ولعل من أكثر القضايا الجدلية في هذا الموضوع أن أُثيرت مسألة؛ مدى مسؤولية مجلس إدارة المؤسسة عن القرارات التي يتخذها مجلس الاستثمار، وهل يجب أن يصادق عليها مجلس الإدارة قبل تنفيذها.؟ أو هل يجب أن تخضع لموافقة مجلس الإدارة بدايةً.؟ لا سيما وأن من مهام مجلس الإدارة رفع تقارير ربع سنوية لمجلس الوزراء ولمجلسي الأعيان والنواب تتضمن إقراراً من المجلس يؤكد بأن جميع الاستثمارات التي تمت خلال الفترة التي يغطيها التقرير تتفق مع سياسة الاستثمار والمعايير والإجراءات وفقاً للقانون والأنظمة وتبيّن أي خلل حال وروده في البيانات والحسابات المالية، كما تتضمن النتائج الأساسية لأداء الاستثمار ومدى تطابق أداء مديري المحافظ الاستثمارية مع مستهدفات خطة الاستثمار، وتقرير المدقق الخارجي بشأن المركز المالي للمؤسسة.
وبناءً عليه، أرى أن الرؤية العامة لاستقلالية المؤسسة وإعادة حوكمتها، من وجهة نظري، يمكن أن تُبنَى وفقاً للمحدّدات العشرة التالية:
١) فك ارتباط وزير العمل بمؤسسة الضمان الاجتماعي بشكل نهائي.
٢) محاكاة نموذج البنك المركزي في مجلس إدارة موحد للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي يرأسه شخص برتبة محافظ.
٣) الحفاظ على ثلاثية التمثيل المتوازن لمجلس إدارة المؤسسة: ثلث يمثل الحكومة، وثلث يمثل أصحاب العمل، وثلث يمثل العمال والمتقاعدين (لا بد أن يكون هناك ممثل واحد على الأقل لمتقاعدي الضمان).
٤) أن تتولى الحكومة مسؤولية تعيين ممثليها بمن فيهم محافظ المؤسسة (رئيس المجلس). وأقترح أن يكون من ضمن ممثليها أمين عام وزارة العمل بصفته الوظيفية نظراً لارتباط عمل المؤسسة بعمل وسياسات التشغيل. وممثل عن الأجهزة العسكرية والأمنية فيما بقية الأطراف تنتخب ممثليها.
٥) تعيين نائبين للمحافظ؛ أحدهما لشؤون الاستثمار، والآخر للشؤون التأمينية، يصدر بهما قرار من مجلس الوزراء بناءً على تنسيب من مجلس الإدارة.
٦) إلغاء مجلس استثمار أموال الضمان والاستعاضة عنه بلجنة للاستثمار يرأسها نائب المحافظ لشؤون الاستثمار.
٧) إلغاء مجلس التأمينات والاستعاضة عنه بلجنة للسياسات التأمينية يرأسها نائب المحافظ للشؤون التأمينية.
٨) أن يقترن قرار مجلس الوزراء بتعيين محافظ المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بالإرادة الملكية السامية.
٩) أن تكون قرارات مجلس الوزراء بإنهاء خدمات المحافظ أو أي من نائبيه (قبل انتهاء مدة عقودهم المحددة في القانون) مُسبّبة في القانون نفسه، وأن يقترن إنهاء خدمة المحافظ بالإرادة الملكية السامية.
١٠) يكون المحافظ هو المسؤول الأول عن أعمال المؤسسة في مواجهة كل الأطراف من حكومة ومجلس نواب ومجلس أعيان، والجهات القضائية والرقابية الأخرى.
(سلسلة توعوية تنويرية اجتهادية تطوعيّة تعالج موضوعات الضمان والحماية الاجتماعية، وتبقى التشريعات هي الأساس والمرجع- يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والبحث مع الإشارة للمصدر).
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية
الحقوقي/ موسى الصبيحي
#المؤسسة_العامة_للضمان_الاجتماعي
#رئاسة_الوزراء
