ناخبو نيويورك صوّتوا للإنسان ولم يصوتوا للأديان!!
أمين زيادات-
قرأت وتابعت في الأيام الماضية ردود فعل كثيرة من الناس في الوطن العربي والغربي والأمريكي على نجاح زوهران ممداني رئيسًا لبلدية نيويورك وقد افتخر البعض لأنه أول مسلم يفوز بهذا المنصب المهم ونحن نفتخر كذلك ولكن علينا أن نفهم بعض الأمور الإجرائية وكيف تجري الإنتخابات بشكل خاص في مدينة نيويورك لكي يعرف الجميع كيف تدار الأمور هناك.
اولًا لابد أن نعرف بأن مدينة نيويورك هي أهم مدينة في العالم فهي مدينة المال والأعمال والسياسة ومن يحكمها يكون أقوى رجل بالولايات المتحدة الأمريكية بعد الرئيس الأمريكي حيث يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي لها عام 2024 حوالي 2.3 ترليون دولار و هذا يمثل حجم اقتصاد المغرب وتونس والجزائر والعراق والكويت وليبيا وموريتانيا ولبنان وقطر والإمارات وسلطنة عمان والبحرين والسودان والأردن مجتمعة ، مدينة نيويورك قوه اقتصادية وسياسية كبيره جدًا.
عدد سكان نيويورك عام 2024 بلغ 8 ونص مليون شخص من مختلف الأديان والأعراق والقوميات و يعيش بها حوالي 750 الف مسلم ومليون يهودي وحوالي 6 مليون مسيحي وغيرهم من الأديان والمعتقدات، منهم من هو ديمقراطي و من هو جمهوري و من أحزاب أخرى ومنهم مَن لا ينتمي لاي حزب.
ومن 750,000 مسلم الذين يعيشون في نيويورك منهم من هو ديمقراطي ومن هو جمهوري ومنهم من لا ينتمي لأي حزب.
و سأشرح كيف تتم عملية فرز مرشح لرئاسه بلديه نيويورك،حيث تتم العملية الإنتخابية داخل الحزب أولًا حيث يُعلن من يرغب بالترشح لهذا المنصب ويتم دراسة طلبات المترشحين من قبل لجنة مشكلة لهذا الغرض بشكل دقيق حتى لا يخسر الحزب هذا الكرسي والمعروف بأنه للنخبه .
تقدم للترشح عضو الحزب الديمقراطي رئيس بلدية نيويورك السابق اندرو كومو وكذلك تقدم عضو الحزب زوهران ممداني الشاب ذو الرابعة والثلاثين عامًا وبعد دراسة الطلبات وافق الحزب على ترشيح ممداني لرئاسة بلدية نيويورك وعندما تم ترشيحه لم يكن على اساس ديني ابداً بل على اساس انسان عنده طموح ويستحق هذه الفرصه ، ولكن هذا القرار لم يُعجب أندرو الرئيس السابق لنيويورك، فترشح مستقل وهنا ترشحه لا يمثل الحزب الديمقراطي، وأعضاء الحزب سيُعطي أصواتهم جميعها لمرشح الحزب ممداني وليس للمستقل أندرو و بدأت الحملة الانتخابية وكان ممداني متحدثًا لبقاً وقادراً على التواصل مع الناس في الشارع وفي كل مكان متلمساً حاجة الناس وخصوصًا الطبقة الفقيرة والمتوسطة ،ومن أبرز وعوده الانتخابية بأن يجعل حافلات مدينة نيويورك مجانية مع زيادة عددها وأيضًا توفير رعاية مجانية صحية للأطفال بالأضافة لتخفيض كلفة المعيشة ووعد أيضًا فتح أسواق تموينية تابعة للبلدية وتديره بأسعار تفضيلية كما وعد برفع الحد الأدنى للأجور وهذه الوعود والأمور هي ما تبحث عنه الطبقة الفقيرة والمتوسطة في مدينة نيويورك.
نتائج الإنتخابات جاءت مفاجئة للجميع من حيث نوعية وخلفية المصوتين لممداني ،،المفاجئه الكبرى ان 67% من اليهود في مدينة نيويورك صوّتوا لزوهران ممداني إضافة الى نسبة لا بأس بها من المسيحيين والمسلمين والأقليات، ومعظمهم من جيل الشباب.
ما وددت أن أقوله أن التصويت تم للإنسان ولم يتم على أساس الأديان وعلى البرنامج الأنتخابي الذي قدمه للناس البسطاء وكان مبدعًا بإقناع الناس به ،متفوقاً على منافسة المستقل اندرو كومو عضو الحزب الدمقراطي
وأخيرًا نجح مرشح الحزب الديمقراطي زوهران ممداني رغم كل المعيقات التي حالت دون ذلك، زوهران ممداني مسلم شيعي اشتراكي ليس من الطبقه الغنيه، صغير في السن ومن أصل هندي وكل هذا لم يعني الناخب ولم ينظر لهذه التفاصيل، ما يعني الناخب ما سيقدم لهم من خدمات يلمسوها على أرض الواقع في حياتهم اليومية والمعيشيه.
إرادة الشعب والديمقراطية الأمريكية ما زالت حاضرة في الانتخابات وما زالت أمريكا بلد الفرص رغم كل مساوئها، زوهران ممداني عمدة نيويورك وضع قدمه في المكان الذي سيفتح له الطريق لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية إذا قرر ذلك بشرط أن يكون صادقاً بوعوده و يحقق ويُنجز ما وعد به الناخب في برنامجه الأنتخاب
