البدادوة يقود مطالب وطنية في لقاء مع رئيس الوزراء: رؤية صناعية، عدالة اجتماعية، وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية   |   شريك الابتكار لمؤتمر ومعرض C8 2025 الذي سيعقد تحت رعاية سمو ولي العهد   |   عزم تتصدر الأداء النيابي خلال الدورة الاولى للبرلمان   |   انطلاق رالي 《جوردان رايدرز》غداً لدعم السياحة في المثلث الذهبي برعاية زين   |   رئاسة الوزراء تعلن عن مشاريع في عمّان: جسر صويلح وقطار خفيف ومطار ماركا ومدارس ومركز رياضي ونقل المسلخ   |   الجوائز العربية… والثقافة التي تضيء أفق المستقبل   |   الصناعيون في ضيافة الملك   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن توفر بعثة لحاملي درجة الماجستير للحصول على درجة الدكتوراه   |   عمان الأهلية تهنئ طالبها محمود الطرايرة بفوزه بالميدالية البرونزية ببطولة العالم للتايكواندو   |   الأرصاد تحذر من الضباب الكثيف على طريقي المطار والمفرق دمشق الدولي   |   من الانقسام إلى البناء: طريق الشرق الأوسط نحو استقرارٍ وتنميةٍ مستدامة   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين أعضاء هيئة تدريس للعام الجامعي 2025/2026،   |   من المختبر إلى معصم اليد: تقنية سامسونج الأولى من نوعها لتتبع التغذية عبرGalaxy Watch   |   منتجع وسبا ماريوت البحر الميت يحصد لقب أفضل منتجع شاطئي في الأردن في حفل توزيع جوائز السفر العالمية 2025   |   ابتكار وتميّز في فعالية PU IEEE Day 2025 بجامعة فيلادلفيا   |   أمانة عمّان الكبرى تطلق مسار جديد لخدمة الباص السريع   |   شقيق الزميل عمر الخرابشه في ذمة الله   |   العربية لحماية الطبيعة تبدأ المرحلة الثانية من مشروع 《إحياء مزارع غزة》   |   يوم خيري لمجموعة سيدات هارلي الجمعة المقبلة لدعم مصابات السرطان بقطاع غزة   |   مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل فعالية معرض ومؤتمر التقدم والابتكار والتكنولوجيا بالأمن السيبراني برعاية سمو ولي العهد   |  

العالم في عصر الفوضى


العالم في عصر الفوضى
الكاتب - معالي المهندس سعيد المصري

العالم في عصر الفوضى

 

معالي المهندس سعيد المصري

نشر في: الثلاثاء 9 أيلول / سبتمبر 2025. 12:00 صباحاً

آخر تعديل: الثلاثاء 9 أيلول / سبتمبر 2025. 12:19 صباحاً

إن انهيار النظام الذي أعقب الحرب الباردة قد ترك النظام الدولي يتخبط فيما يسميه الكثيرون الفوضى العالمية. تتغير موازين القوى بسرعة مع صعود الصين، وعودة روسيا إلى الواجهة، وتعمّق الانقسامات الداخلية داخل التحالف الغربي. أما المؤسسات التي كان من المفترض أن تحمي الأمن الجماعي، مثل الأمم المتحدة، فهي مشلولة بفعل الفيتو والمعايير المزدوجة، مما يترك النزاعات لتتصاعد دون رادع.

الشرق الأوسط كبؤرة للفوضى

لا يظهر أثر هذه الفوضى بشكل أوضح مما هو عليه في الشرق الأوسط. فقد كشفت الحرب في غزة والاحتلال المستمر للضفة الغربية عن عجز المجتمع الدولي ونفاقه في الوقت ذاته. ففي حين تُقدَّم أوكرانيا على أنها واجب أخلاقي للغرب، تُترك فلسطين في دائرة المعضلة الأمنية الدائمة. وكانت النتيجة خراباً: ازدياد الفقر في غزة، تهجير ممنهج في الضفة الغربية، وزعزعة استقرار اقتصادات إقليمية هشة.

أصوات العقل: جيفري ساكس وجون ميرشايمر

وسط هذه الفوضى، يبرز علماء بارزون مثل جيفري ساكس وجون ميرشايمر كأصوات للعقلانية.

  جيفري ساكس جادل باستمرار بأن السلام في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق إلا عبر حل الدولتين الحقيقي، بحيث يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون جنباً إلى جنب لبناء مستقبل مشترك. وقد أصبح ناقداً شديداً لسياسات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل تحت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، كاشفاً آليات الدعاية التي يستخدمها اللوبي الصهيوني في العواصم الغربية.

  جون ميرشايمر، بوصفه أحد أبرز رموز مدرسة الواقعية الجديدة في العلاقات الدولية، يذكّرنا بأن الدول تتصرف بدافع المصالح، لا المبادئ. وتؤكد أعماله أن المسار الذي تسلكه إسرائيل غير قابل للاستمرار، وأن الدعم الغربي غير المشروط يقوّض الاستقرار العالمي.

معاً، وجد ساكس وميرشايمر صدى خاصاً لدى الأوساط الأكاديمية وبين الأجيال الشابة في الغرب متحدّين السرديات السائدة ومعيدين إدخال الواقعية إلى النقاش.

الفرصة الضائعة عربياً

ومع ذلك، بينما يخوض هذان المفكران معارك الخطاب في الغرب، لم تفعل الدول العربية سوى القليل للتواصل معهما. فلم تصل أي مبادرة عربية منظمة لتعزيز حججهما أو تنسيق السرديات أو صياغة خطة سلام متماسكة لمواجهة عرقلة إسرائيل. هذا الغياب جعل الجانب العربي في موقف رد الفعل بدلاً من المبادرة، مما سمح لإسرائيل بالهيمنة على السردية دولياً.

الأثر اليومي للفوضى

إن عواقب هذه الفوضى تمتد إلى ما هو أبعد من السياسة الدولية:

  في غزة والضفة الغربية، تتحول الصدمات إلى انهيار إنساني جوع، تهجير، وآمال محطمة للأجيال الشابة.

  في العالم العربي، يستنزف الصراع الموارد، ويبطئ التنمية، ويغذي التفكك الاجتماعي.

  في الغرب، ينقسم الرأي العام ذاته بين شباب وأكاديميين يقفون مع العدالة، ولوبيات مترسخة تدفع باتجاه الدعم غير المشروط لإسرائيل.

نحو سردية عربية جديدة

إن الفوضى العالمية ليست مجرد تهديد بل قد تكون أيضاً فرصة. وهذا يتطلب من العالم العربي:

  تطوير استراتيجية سلام متماسكة تستند إلى الواقعية السياسية لا إلى الخطاب العاطفي.

  التواصل مع قادة الفكر مثل ساكس وميرشايمر لتثبيت الموقف العربي في صلب الأوساط الأكاديمية وصنع القرار العالمي.

  تعبئة الشباب والتحالفات المدنية على مستوى العالم لمواجهة احتكار اللوبي الصهيوني وبناء خطاب متوازن.

الخاتمة

لقد كشفت فوضى النظام الدولي هشاشة السلام والعدالة في الشرق الأوسط. لكنها أفرزت أيضاً أصواتاً فكرية مثل ساكس وميرشايمر تخترق الدعاية وتطالب بحلول عقلانية. إن فشل العرب حتى الآن كان في صمتهم وسلبيتهم. ولتحويل الاضطراب العالمي إلى فرصة للعدالة، يجب على العرب أن يصطفوا إلى جانب هذه الأصوات العاقلة، وأن يقدموا خطتهم الخاصة للسلام والتعايش.

 

..