البدادوة يقود مطالب وطنية في لقاء مع رئيس الوزراء: رؤية صناعية، عدالة اجتماعية، وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية   |   شريك الابتكار لمؤتمر ومعرض C8 2025 الذي سيعقد تحت رعاية سمو ولي العهد   |   عزم تتصدر الأداء النيابي خلال الدورة الاولى للبرلمان   |   انطلاق رالي 《جوردان رايدرز》غداً لدعم السياحة في المثلث الذهبي برعاية زين   |   رئاسة الوزراء تعلن عن مشاريع في عمّان: جسر صويلح وقطار خفيف ومطار ماركا ومدارس ومركز رياضي ونقل المسلخ   |   الجوائز العربية… والثقافة التي تضيء أفق المستقبل   |   الصناعيون في ضيافة الملك   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن توفر بعثة لحاملي درجة الماجستير للحصول على درجة الدكتوراه   |   عمان الأهلية تهنئ طالبها محمود الطرايرة بفوزه بالميدالية البرونزية ببطولة العالم للتايكواندو   |   الأرصاد تحذر من الضباب الكثيف على طريقي المطار والمفرق دمشق الدولي   |   من الانقسام إلى البناء: طريق الشرق الأوسط نحو استقرارٍ وتنميةٍ مستدامة   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين أعضاء هيئة تدريس للعام الجامعي 2025/2026،   |   من المختبر إلى معصم اليد: تقنية سامسونج الأولى من نوعها لتتبع التغذية عبرGalaxy Watch   |   منتجع وسبا ماريوت البحر الميت يحصد لقب أفضل منتجع شاطئي في الأردن في حفل توزيع جوائز السفر العالمية 2025   |   ابتكار وتميّز في فعالية PU IEEE Day 2025 بجامعة فيلادلفيا   |   أمانة عمّان الكبرى تطلق مسار جديد لخدمة الباص السريع   |   شقيق الزميل عمر الخرابشه في ذمة الله   |   العربية لحماية الطبيعة تبدأ المرحلة الثانية من مشروع 《إحياء مزارع غزة》   |   يوم خيري لمجموعة سيدات هارلي الجمعة المقبلة لدعم مصابات السرطان بقطاع غزة   |   مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل فعالية معرض ومؤتمر التقدم والابتكار والتكنولوجيا بالأمن السيبراني برعاية سمو ولي العهد   |  

حِكم خفيّة ..


حِكم خفيّة ..
الكاتب - هالة جمال سلوم

حِكم خفيّة ..

  بين الميلاد والرحيل، بين بدايةٍ لا نختارها ونهايةٍ لا نعرف موعدها، نمرّ بمراحل عديدة، نبحر في بحرٍ واسعٍ متقلّب المزاج، هادئ تارةً وهائج أخرى، مختلفِ المذاق، عذبٌ فُراتٌ حينًا، وملحٍ أُجاجٍ حينًا آخر.

  تحنّ علينا أمواجه فنبحر بهدوء وسكينة، وفجأةً، تقسو وتتلاطم بنا، فنشدّ الشراع، ونضبط الدفّة، ونقوّم البوصلة، ونُمعن مراقبة الطريق، حتى نحاول الوصول بسلام.

هكذا تمرّ مراحل حياتنا، بدءاً من طفولةٍ ناعمةٍ مستقرةٍ هادئة، مرورًا بمرحلة الشبابٍ الملتويه، حيث تحفّها المخاطر والشدائد، وصولًا إلى مرحلة النضج والإدراك، التي لم نكن لنبلغها لولا أن خضنا تحدّيات الحياة وصعابها.

 

تدقّ المحنُ أبوابنا وتدعونا عنوةً لمواجهة واقعٍ لم نكن نستعدّ له، فتُزَجّ أعماقُنا في دوّامةٍ تهزّ الكيان كصاعقة برقٍ مفاجئة. حينها تُغلَق الأبواب، وتضيق السبل، ويعجز العقل عن التفكير، ويصمت كل ما حولنا، ويُخيَّل إلينا أنها النهاية.

وما إن ضاقت الأرض بما رحبت، ولا مفر ولا فرار، يبدأ بداخلنا صوتٌ جديد يخبرنا بضرورة التحرك، وتتّسع طاقة النور الخافتة الكامنة في أرواحنا، لتنير لنا مناطق خفيّة واسعة في داخلنا لم نكن نعرفها لولا تلك المحن، فتظهر فينا قوة عجيبة لم نكن نحط بها علماً ولا خبراً ، فتدفعنا للوقوف من جديد، وللخروج من منطقة الراحة إلى منطقة الجدّ والتفكير والتحمل واجتياز التجارب الصعبة بثبات، فنكتسب الثقة في قدرتنا على التعامل مع تحديات الحياة المستقبلية. 

 

قال اللَّهِ تَعَالَى: ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ﴾

إن هذه المحن التي نظن في ظاهرها العذاب، تحمل في باطنها حكم ربانية خفية، جاءت لتصقل أرواحنا، وتعيد بنائها وتأهيلها لتكون قادرة على اجتياز كل الصعاب، فقد يكون الخيرُ كَامِنًا فِي الشرِّ، وقد يكون بعض الشرِّ دواءً مما هو أعظمُ شرًّا.

نتعلّم من المحن بأن الفقد لا يُميت، بل يبعث فينا التقدير لما تبقّى، وأن الخذلان لا يهدم، بل يُعلّمنا أن ما خسرناه لا يستحق البقاء معنا، فمع كل انكسارٍ تُزرَع فينا القوة والإرادة، ومع كل ألم ينمو بداخلنا الصبر والتحمل، فندرك الحكمة البالغة من هذه المحن، ونوقن أن النضج والقوة لا تمنحنا إياها الأيام الهانئة!  

قيل قديماً ..

يضيق صدري بغمّ عند حادثة 

وربَّما خير لي في الغمِّ أحيانَا.. 

ربَّ يومٍ يكون الغمُّ أوَّله 

وعند آخره روحًا وريحانَا.. 

ما ضقت ذرعًا بغمٍّ عند حادثة 

إِلا ولي فَرَجٌ قد حَلَّ أو حانا..

 

كم من إنسانٍ تغيّر بعد تجربة موجعة!! صار أكثر هدوءاً، أقلّ اندفاعاً، وأعمق فهمًا للحياة، المحن، تُهذّب القلب وتزرع فيه الرحمة، تُكسبنا فهماً للآخرين لم نكن نملكه من قبل، فمن ذاق الألم لا يستهين بألم أحد، ومن انكسر يومًا لا يرفع رأسه بغرور، بل يسير بهدوءٍ وتواضعٍ. 

وهنا تتجلّى الحكمة الحقيقية.. أن المحن بكل تقلباتها، لم تكن ضدنا يومًا، بل كانت تعمل في الخفاء لأجلنا، لم تكن سوى محطاتٍ لإعادة اكتشاف ذواتنا، وخطوات في رحلة نمو قدراتنا. 

  والحمد لله على ما كان وعلى ما سيكون ..