شريك الابتكار لمؤتمر ومعرض C8 2025 الذي سيعقد تحت رعاية سمو ولي العهد   |   عزم تتصدر الأداء النيابي خلال الدورة الاولى للبرلمان   |   انطلاق رالي 《جوردان رايدرز》غداً لدعم السياحة في المثلث الذهبي برعاية زين   |   رئاسة الوزراء تعلن عن مشاريع في عمّان: جسر صويلح وقطار خفيف ومطار ماركا ومدارس ومركز رياضي ونقل المسلخ   |   الجوائز العربية… والثقافة التي تضيء أفق المستقبل   |   الصناعيون في ضيافة الملك   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن توفر بعثة لحاملي درجة الماجستير للحصول على درجة الدكتوراه   |   عمان الأهلية تهنئ طالبها محمود الطرايرة بفوزه بالميدالية البرونزية ببطولة العالم للتايكواندو   |   الأرصاد تحذر من الضباب الكثيف على طريقي المطار والمفرق دمشق الدولي   |   من الانقسام إلى البناء: طريق الشرق الأوسط نحو استقرارٍ وتنميةٍ مستدامة   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن حاجتها لتعيين أعضاء هيئة تدريس للعام الجامعي 2025/2026،   |   من المختبر إلى معصم اليد: تقنية سامسونج الأولى من نوعها لتتبع التغذية عبرGalaxy Watch   |   منتجع وسبا ماريوت البحر الميت يحصد لقب أفضل منتجع شاطئي في الأردن في حفل توزيع جوائز السفر العالمية 2025   |   ابتكار وتميّز في فعالية PU IEEE Day 2025 بجامعة فيلادلفيا   |   أمانة عمّان الكبرى تطلق مسار جديد لخدمة الباص السريع   |   شقيق الزميل عمر الخرابشه في ذمة الله   |   العربية لحماية الطبيعة تبدأ المرحلة الثانية من مشروع 《إحياء مزارع غزة》   |   يوم خيري لمجموعة سيدات هارلي الجمعة المقبلة لدعم مصابات السرطان بقطاع غزة   |   مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل فعالية معرض ومؤتمر التقدم والابتكار والتكنولوجيا بالأمن السيبراني برعاية سمو ولي العهد   |   زين تعلن الرابح الثاني بجائزة الـ 15,000 دينار ضمن حملتها الأضخم 《Zain Happy Box   |  

شبشب الهنا


شبشب الهنا
الكاتب - د. محمد يوسف أبو عمارة

شبشب الهنا

أذكر أنني في سن السابعة .. ذهبت إلى المسجد لصلاة العصر و أنا ألبس شبشبًا جديدًا اشترته لي والدتي، و قد كان جميلًا وبشكل جَديد ، فقد كان من البلاستيك و لكن يتميز بوجود ( ابزيم ) وكان الإِنزيم هُوَ قِمَّة الموضَة!

و كان نسبيًا مرتفع الثمن .. حيث أن الشبشب العادي كان بحوالي ال (25) قرشًا ، كان هذا (أبو الابزيم) بدينار .

ذهبت إلى المسجد للصلاة ، و كلي سعادة بهذا الشبشب ، و كان أول مشوار لي فيه هو للمسجد لأباركه ، و بالفعل أحسست بأن خطواتي للمسجد سريعة وكأَنَّني أَطير ، و السبب هو هذا الشبشب المريح الجَميل الراقي المُؤدَّب ، دخلت المسجد و وضعت الشبشب على الرفوف التي توضع عليها الأحذية وحاولت أَن أَضعه بِمكان بَعيد لكي لا تَتِمّ سرقته أَو لا يحسدني عليه أَبناء الجيران. و استودعته و دخلت للصلاة .

و بعد أن أنهينا الصلاة كانت صدمتي بأنني لم أجد ( شبشب الهنا ) مكانه ، بحثت عنه في كل الأماكن و الرفوف و لكن بلا جدوى ، نظرت يمنة و يسرى فوجدت شبشبًا آخر شبيهًا به نَفس اللَّون، اقتربت منه ، كلا ليس هو هذا .. هذا شِبشِب عادي بدون (إبزيم ) وشِبشبي (بإِبزيم).

و هنا بدأت أفكر ، هل أعود للمنزل حافيًا أجرَ أذيال الخيبة . أم آخذ هذا الشبشب و أعود به .. فعلّ صاحبه هو من أخذ شبشبي ، و أعود لأقول لنفسي ، و ما ذنب صاحب هذا الشبشب فلربّما أَنّه لَم يَأخذ شِبشِبي! و لكن مع شدة الحزن لفقداني لشبشبي ، سوّل لي الشيطان وكذلك نفسي و برر لي أخذ هذا الشبشب ، و بالفعل أخذته و عدت به للمنزل و حزن يعتريني مِن شِبشبي المَسروق ومِن أَنّني أَخذت شِبشِب أَحدهم!

و لم أدر ما أفعل ومِن كَثرة تَأنيب ضميري لي ، أخبرت والدتي بالقصة و طلبت منها أن لا تخبر والدي -عليه رحمة الله – و لكن و بمجرد دخول والدي للمنزل لم يكن إلا أن أخبرته والدتي بالقصة ، فنظر لي والدي و قال : سنذهب لنصلي المغرب بنفس المسجد علّنا نجد شبشبك ، و بالفعل و قبل الآذان بِدقائق توجهنا للمسجد ، و في الطريق لم يتكلم أبي بموضوع الشبشب أبدًا ، ولكنّه وبَعد وصولنا بحث معي على الرفوف عن شبشبي الذي لم أجده أيضًا .

و بعد انتهاء الصلاة بحثنا أيضًا و سأل والدي خادم المسجد عنه ، ولكنه أخبره بأن هناك سارقي أحذية أو ربما أن أحدهم قد أخذه بالخطأ!!

و عندما همنا بالغادرة ذهبت لأخذ ذلك الشبشب إلا أن والدي قال : هذا ليس لنا ، أتركه هنا لصاحبه ، لم أستطع أن أفكر واستجبتُ لكلام والدي وقُلت: و لكن والدي كيف سأعود للبيت ؟

- ستعود مشيًا كم أتيت.

- أقصد هل سأعود حافيًا !!والطَّريق طويل وَوَعِر!

- نعم .. لتتعلم أن لا تأخذ ما لغيرك فهذه سرقة، عَلينا أَن لا نُبرّر أَخطائنا فَهل سرقة شبشبكَ تَسمح لَكَ أَن تَسرق شِبشِب غيرك؟! وما الفَرق بَينكَ وبَين اللّصوص لا يوجد مُبَرِّر للخَطَأ يا والدي، مُعظم اللّصوص ومرتكبي الجرائم لديهم مُبرّرات مِن وِجهَة نَظرهم ولكنّهم في الحَقيقة لصوص ومجرمون! 

و عدت مع والدي حافيًا بطريق تملأه الحجارة إلى المنزل و هو ينظر إلى ألمي مبتسمًا ..

ذهبت لوالدتي لأشكو والدي القاسي الذي ظلمني و جعلني أرجع حافيًا للمنزل فاحتضنتني دون أن تقول لي شيئ...

و القارئ قد يتوقع أن والدي قد أعدً لي مفاجأة بحيث أنني استيقظت في اليوم التالي لأجد أنه قد أحضر لي حذاء كالذي سرق مني .. و لكن هذا لم يحصل أبدًا ، لأن أخذ دينار جديد مِن مَصروف البيت لحذاء جديد كان يخلخل مصروف البيت الشهري ، لذا لم استفق على مفاجأة سارة و إنما على درس تعلمت منه الكثير.. 

و ها انا ذا في هذا العمر ، أذكر كم كان والدي حكيمًا فقد علمني احترام ملكية الآخر و عدم تبرير الخطأ وأَنّ مقاومة الظلم و تَكون بِكبح الظالم ، و ليس بممارسة الظلم على الآخرين أَو الضّعفاء لأنها بذلك ستكوّن ظَلمَة جدد أو لصوص جدد ..

رَحِمَكَ الله يا والدي، ولكن السُّؤال المُهم هَل لَو ذَهبتُ للسوق الآن سأَجِدُ نَفس الشِّبشب البلاستيك أَبو ابزيم!

 

بقلم: 

د. محمد يوسف أبو عمارة