بنك الأردن يوقّع اتفاقية لدعم النقل الحضري المستدام مع شركة رؤية عمّان الحديثة للنقل   |   فندق سانت ريجيس عمان يحتفل بعامه السادس لانطلاقته في الأردن   |   بانوراما أنشطة مراكز إربد في يوم    |   أنشطة كشفية ودورات علمية في مراكز شباب لواء الكورة والوسطية   |   زين كاش تتعاون مع 《ماستر كارد》لتعزيز الدفع الرقمي في الأردن   |   الأردن ينسحب من مواجهة الفريق الاسرائلي تحت سن-١٩ في مونديال كرة السله   |   صوت الأردن.. عمر العبداللات نجم إفتتاح 《مهرجان جرش》 2025   |   الخلايلة: طموح مؤسسة الضمان الاجتماعي شمول جميع العاملين بمظلتها   |   انطلاق فعاليات معسكرات الحسين للعمل والبناء 2025 في محافظة إربد   |   جامعة فيلادلفيا تحقّق حضورًا عالميًا متميزًا في مسابقة المركبات البحرية الهجينة IEEE VTS 2025   |   رئيس جامعة فيلادلفيا يستقبل سفير جمهورية السودان في الأردن   |   جامعة فيلادلفيا تهنئ سمو ولي العهد المعظم بعيد ميلاده الميمون   |   انطلاق فعاليات معسكرات الحسين للعمل والبناء 2025 في العاصمة عمان   |   انطلاق اعمال سمبوزيوم القاهرة عمان الدولي للفنون التشكيلية التاسع   |   مهرجان جرش… نبض الثقافة في قلب الأردن   |   ميزات تنافسية لخريجي صيدلة عمان الاهلية ما بعد 2024 في ظل الأعتماد الأمريكي ACPE   |   مندوبا عن سمو ولي العهد.. وزير الشباب يرعى إطلاق معسكرات الحسين للعمل والبناء 2025   |   مبارك للدكتور احمد الحجاج بمناسبة تخرجه من كلية الطب جامعة Near East   |   زين كاش تعقد ورشة عمل حول الابتكار المالي للرياديين في منصة زين للإبداع (ZINC)   |   الحسين بن عبدالله الثاني: ثباتُ الجذور واتساعُ الرؤية   |  

الفلسطينيون المسيحيون: «ملح» الأرض و«سكّر» الشعب


الفلسطينيون المسيحيون: «ملح» الأرض و«سكّر» الشعب
الكاتب - د.اسعد عبد الرحمن

 

الفلسطينيون المسيحيون: «ملح» الأرض و«سكّر» الشعب

د . اسعد عبد الرحمن 

بحلول عام 1948 وأثناء إنشاء «دولة إسرائيل» (النكبة الفلسطينية)، أصبح أكثر من 70% من المسيحيين الفلسطينيين لاجئين عديمي الجنسية وفاقدين أراضيهم وممتلكاتهم. ونتيجة لذلك، اضطرت ما لا يقل عن ثلاثين رعية من مختلف الطوائف المسيحية، من كنيسة القديس يوحنا الأسقفية في القدس الغربية إلى الكنيسة المارونية في المنصورة القريبة من الحدود مع سوريا ولبنان، إلى الإغلاق بسبب النكبة، في حين فقد عدد آخر ما يصل إلى 90٪ من أبناء الرعية. فبعد أن كانوا يشكلون نحو 10% من سكان فلسطين في 1948، أصبحت نسبة المسيحيين الفلسطينيين في عمو? «الأراضي المقدسة» ضئيلة للغاية مقارنة بما كانت عليه في ذلك العام. ثم واصل احتلال 1967 عملية التهجير القسري للفلسطينيين من خلال مختلف الأساليب السرية والعلنية، وهو ما انعكس بوضوح على سبيل المثال في القدس، حيث انخفض عدد السكان المسيحيين من أكثر من 30,000 نسمة في 1948 إلى حوالي 10,000 نسمة في هذه الايام. وعليه، فإن حقيقة انخفاض نسبة المسيحيين الفلسطينيين من أكثر من 10% إلى أقل من 3% من سكان فلسطين خلال عام واحد (1948) تظهر مدى عمق تأثير السياسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني على المسيحيين. لكن، بالتوازي مع ?لك، أنشأت إسرائيل نظامًا يسمح لأي يهودي من جميع أنحاء العالم بالاستيطان في فلسطين فيما وصفه المؤرخ الإسرائيلي (إيلان بابي) بأنه عملية «التهجير والاستبدال» في سياق التطهير العرقي لفلسطين.

 

إن مجرد فكرة شرق أوسط خال من المسيحيين (المتداولة اسرائيلياً وفي أوساط مؤثرة في الدول الغربية) فكرة مرفوضة فلسطينيا وعربيا ومفترض أن تكون كذلك لدى العالم المسيحي وبالذات الغرب المسيحي. ونعم، ثمة سبب جدي للخوف من إفراغ المنطقة من المسيحيين. ففي الاراضي المقدسة، الواقع مؤلم والمخاوف كثيرة تجاه مستقبل المسيحيين. لكن من المؤكد أن المسيحيين يثمنون ويعتمدون موقف بطريرك اللاتين في القدس وسائر الأراضي المقدسة (فؤاد طوّال): «نعيش في الأرض المقدّسة وضعًا صعبًا لا يبدو له حلٌّ في القريب العاجل، نلمسُ آثارُه على جميع ?كّان الأرض المقدّسة، وعلى المسيحيّين مثل غيرهم. والحل ليسَ في الهجرة والرحيل ولا في القوقعةِ والانغلاق، الحلُّ هو أنْ نبقى هنا وأن نعيش هنا وأن نموتَ هنا». بل إن قداسة بابا الفاتيكان جمع بطاركة الشرق وأطلق وإياهم نداء حارا مشوبا بالقلق، حيث قال: «لا يسعنا أن نفكر في شرق أوسط خال من المسيحيين الذين منذ نحو ألفي عام يبشرون باسم المسيح وهم مواطنون مندمجون في الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية لأممهم».

 

وإن كان مسيحيو الشرق في محنة، فمسيحيو فلسطين في ثلاث: أولها، محنة الاحتلال الإسرائيلي التي تصيبهم بقدر ما تصيب إخوانهم الفلسطينيين المسلمين. والمحنة الثانية ناجمة عن نتوء شاذ قوامه اسلامويون متطرفون وتكفيريون (وعن جهل بالدين الإسلامي السمح) باتوا يضربون في اكثرمن بقعة عربية، فيما تتجسد المحنة الثالثة في ما أسميته منذ سنوات «الاحتلال اليوناني» المتمثل في بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية، التي اعتادت على بيع ممتلكات تعود للكنيسة بالقدس الشرقية لمستثمرين يهود استعماريين/ «استيطانيين». ومعركة «رعايا» الكنيسة ?ن الفلسطينيين مستمرة ضد ما أسماه عديدون: «الاستعمار الديني اليوناني»، وهو واقع مرير مستمر منذ القرن السادس عشر، حيث يستمر استنزاف الرهبان اليونان للممتلكات والأوقاف الفلسطينية المسيحية وحتى لوجود مسيحيي فلسطين في الأراضي المقدسة. وهنا، نشير الى خطر كبير يحيط بأجزاء واسعة من فلسطين. فوفقا للسجلات الرسمية، تمتلك الكنيسة نحو 18% من مساحة القدس الغربية و17% من القدس الشرقية ونحو 3% من مساحة اللد والرملة ويافا وحيفا، وقوامها الأراضي والأديرة التي لم تمسها سلطات الاحتلال (بعد!!!) ومعظمها فارغة لكنها في مناطق حسا?ة ولذلك قيمتها المادية والإستراتيجية كبيرة. وفي وجه هذا الواقع المرير، تستمر احتجاجات أبناء الطائفة الأرثوذكسية في الأردن وفلسطين مؤكدة على الحقوق التاريخية لابناء الكنيسة الارثوذكسية المقدسية العربية الممتدة على اراضي ضفتي النهر، داعين الى ضرورة متابعة العمل وصولا الى النهضة الارثودكسية الشاملة ووقف التهميش وسياسة الإقصاء التي تعتمدها البطركية الأرثوذكسية اليونانية في القدس بحق رهبانهم.

 

رغم كل ما يحاك من مؤامرات، يبقى المسيحيون جزءً لا يتجزأ من الأمة العربية، مشاركون في الجهود المقاومة، مؤكدون صمودهم في الخندق نفسه مع المسلمين. ومن أراد شواهداً على ذلك فإن أمامه مواقف ونضالات مسيحيي فلسطين (وغيرهم) التي قاومت سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وبخاصة تجاه ما تتعرض له القدس الشريفة والمعالم الإسلامية التاريخية. ولعل الموقف الاسرائيلي العدائي من المسيحيين عائد إلى جذور دينية، علاوة على أن هؤلاء الأخيرين كانوا ومازالوا في صلب الموقف الوطني والقومي والانساني الثابت والصريح. وعلى الضد من ذلك نصطدم با?توجه القومي والديني اليهودي المتطرف القائم على الكراهية، ضمن نهج تتبناه الدولة الصهيونية تجاه المسيحيين بهدف طمس كل ما هو عربي (إسلامي ومسيحي) في فلسطين واستبداله باليهودي، مع محاولة إفراغ فلسطين من مسلميها (ومسيحييها: «ملح» هذه الأرض و"سكر» شعبها) كجزء من المشروع الصهيوني الثابت الذي يريد إقامة دولة يهودية خالصة على أرض فلسطين بل وعلى غيرها!!! ــ الراي