مرحبًا يا خيرَ داع
مرحبًا يا خيرَ داع
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾
الموضوع: النبيُّ المؤسِّس
سلامٌ على من بُعث رحمةً للعالمين…
يطوفون عُراةً حول الكعبة، يظنّون الطهارة في الجسد لا في القلب،
ويهتفون: نحنُ غُرابا عَكْ عَكْ..… عَكَّ إليك عانيةً، عبادُك اليَمَانية.
فوق ضجيج الجاهلية يعلو صوت الفطرة النقيّة:
لبيك اللهم لبيك… لبيك لا شريك لك.
خيرةُ شباب العرب يقتل بعضه بعضًا لأجل ناقة.
يبكي الحارث:
قربا مربط النعامة مني
ليس قولي يُراد لكن فعالي
أين رمحي؟ أين سربالي؟
فيردّ المهلهل:
قربا مربط المشهر مني
إن قولي مطابقٌ لفعالي
جاريةٌ بدرهمين، وبنصف درهم تُباع الكرامة،
وطفلةٌ تُداعب لحية أبيها وهو يحفر قبرها،
﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾
كلمةٌ تشتري قصيدة… وقصيدةٌ تشعل حربًا.
قبائلٌ تتقاتل، وشعراءُ يصنعون الدم بالبيت والقافية،
وأصنامٌ تعلو عليها الأصوات:
أُعلُ هُبَل… أُعلُ هُبَل!
فتجيء صرخة النور تمزّق الليل:
جاء الحقُّ وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقًا.
الصحراء تسكن، والصوت ينزل من السماء:
اقرأ… اقرأ… اقرأ.
فكان الجواب: ما أنا بقارئ.
لتبدأ رحلة الإنسان من الظلام إلى الهداية.
ثم يشهد الكونُ إعلان الحق:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله.
الله أكبر… الله أكبر… لا إله إلا الله.
تبدأ الحملة على النور:
“إن محمدًا يسبّ دين آبائنا.”
لكن النور لا يُحاصر، والحق لا يُهزم.
من المدينة يبدأ طريق السماء والأرض معًا:
أسلِم تَسْلَم، يؤتك الله أجرك مرتين.
رسالةٌ للملوك، وعدلٌ للعالم، ورحمةٌ لا تُكره أحدًا.
وتتحقق دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام:
﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾
فيبعث الله النبي الهاشمي الأمين،
ويصدح أهل المدينة:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
مرحبًا يا خير داع
قبائلٌ كانت تتقاتل صارت صفوفًا تصلّي،
جيوشٌ تتأهب، علومٌ تُبنى، ودولةٌ من عدل ورحمة.
ويقول القائد المسلم:
لأطأنَّ تراب الصين
فيُرسل ملك الصين ترابَ أرضه على صينيةٍ من ذهب مزينة بأندر انواع الجواهر .
لم تكن الفتوحات جشعًا ولا سعيًا لثروة،
بل وعدًا للإنسان أن النور لا يعرف حدودًا حين يحمل قيم السماء .
ثم يعود المشهد اليوم….
أصوات تتزين بثوب التنوير وهي تحمل بذور الظلام
ووجوه تدّعي الدفاع عن العقل وهي تهدم جذور الروح
يدعون إلى ترك سنة النبي ﷺ وآل بيته الطاهرين،
وينسون وصية خطبة الوداع:
“كتاب الله وعترتي أهل بيتي.”
فيسأل خاتم الأنبياء ﷺ:
ألا هل بلّغت؟
فيردّ أصحابه: نعم بلّغت يا رسول الله
نعم بلّغت.
فيرفع رأسه للسماء:
اللهم فاشهد… اللهم فاشهد… اللهم فاشهد.
كيف ننسى من بنى؟
كيف نغفل عمّن جمع ووحّد وأسس؟
﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾
كما حفظ الله بيته من أبرهة،
سيحفظ دينه من كل باطل،
ويظل النور كما بدأ: صادقًا، ثابتًا، ظاهرًا.
من سلالة النور خرج النور،
ومن بيتٍ هاشميٍّ من نسل إبراهيم الخليل،
قامت الرسالة الخالدة للعالمين.
لم يؤسس النبي المؤسس ﷺ حجارةً وحديدًا،
بل أسس أمةً… خير أمة أُخرجت للناس،
أمة الرحمة للعالمين.
ما أُطفئ نورٌ أُشعل في قلب الصادقين…
وما ضلّ قومٌ تمسّكوا بالكتاب وآل البيت الطاهرين
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد،
وعلى آله وصحبه،اجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
