نعي حاجه فاضلة    |   حين يمشي الملك بين شعبه.. نفهم من جديد كيف تُبنى الثقة بين الدولة والناس   |   تمريض فيلادلفيا تواصل تألّقها الأكاديمي في مؤتمر عربي يعزّز البحث والابتكار الصحي   |   تعلن جامعة فيلادلفيا عن توفر بعثة لحاملي درجة الماجستير للحصول على درجة الدكتوراه   |   رؤية من (10) محدّدات لاستقلالية 《الضمان》وحوكمتها   |   كاميرات ودموع   |   《كريف الأردن》... منظومة ائتمانية متقدمة لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الشفافية المالية   |   تمريض فيلادلفيا تستقبل طلبتها المستجدين للفصل الدراسي الأول 2025/2026   |   المجالي في 《شوق وحنين》 عبر شاشة التلفزيون الأردني   |   بمشاركة أكثر من 400 درّاج من 11 دولة اختتام النسخة الثامنة من رالي 《جوردان رايدرز》 برعاية زين    |   آر إم من 《BTS》 وسامسونج يُطلقان فيلماً قصيراً يُبرز متعة الفن داخل المنزل عبر أجهزة تلفزيون سامسونج الفني   |   كارلينا   |   فكر أغيّون وسباق الأمم نحو اقتصاد المعرفة: قراءة نقدية   |   عزيزة تطرح أغنيتها المنفردة أنا وياك بتوقيع سلين داغر   |   استمرار تسلّم مشاركات 《جوائز فلسطين الثقافية》 في دورتها الثالثة عشرة – 2025/2026   |   مداخلة د. ابو حمور حول أثر العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب   |   أ.د. حمدان بمؤتمر الجمعية الأردنية للبحث العلمي يستعرض الإنجازات البحثية لجامعة عمان الاهلية   |   《ماجنا إيه آي》و《تكنوفال》 تعلنان خطط تحالفٍ استراتيجي تتجاوز قيمته 1.1 مليار ريال سعودي ( 300 مليون دولار) لتعزيز التحوّل الصناعي في المنطقة    |   《الفوسفات الأردنية》تحصد المركز الأول في جائزة الفجيرة العالمية لأفضل منشأة تعدينية في دعم الاقتصاد الوطني   |   البنك الأردني الكويتي يحقق أرباحاً صافية تبلغ 117.3 مليون دينار خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2025   |  

الأساس الفلسفي لمنهج التحليل الاجتماعي


الأساس الفلسفي لمنهج التحليل الاجتماعي
الكاتب - ابراهيم ابو عواد

الأساس الفلسفي لمنهج التحليل الاجتماعي

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

1

     منهجُ التحليلِ الاجتماعي لَيْسَ أداةً للسيطرة على الإنسان، وإنَّما هو آلِيَّة فكرية لتحرير الإنسان مِن سَطْوَةِ الأحلام المَقموعة ، والصِّراعاتِ الشُّعورية المَكبوتة ، مِمَّا يُؤَدِّي إلى الحِفَاظِ على حَيَوِيَّةِ الروابط الوجودية بين الإنسانِ والبيئةِ المُحيطةِ به ، وتفعيلِ العلاقات المصيرية بين العقلِ الجَمْعِي والوَعْي القَصْدِي ، بِوَصْفِهَا قواعدَ رافعةً للبناء الاجتماعي ، وأنساقًا ثقافية تَحْمِي المُجتمعَ مِن الاغترابِ عن طبيعته الإنسانية ، وهُويته الحضارية ، وسُلطته المعرفية . ولا يُمكِن للإنسانِ أن يَبْنِيَ أبعادَ شخصيته على قواعد البناء الاجتماعي ، إلا إذا عَقَدَ مُصالحةً بَين حُرِّيته الإبداعية وسُلطةِ المُجتمع المعرفية ، وَصَنَعَ تاريخًا شخصيًّا لأحلامِه وشُعورِه ووَعْيِه ، يَحفظ التوازنَ بين المعاييرِ الأخلاقية والأنساقِ الثقافية ، لِكَيْلا يَحْدُثَ تآكُلٌ في شخصية الفرد الإنسانية ، أو انحسارٌ في مصادر المعرفة التي تَتَحَكَّم بالترابطِ المادي بين مُكَوِّنَات الطبيعة ، والتواصلِ الرُّوحي بين عناصر التاريخ .

2

     تحريرُ الإنسانِ لا ينفصل عن حُرِّية المُجتمع.والإنسانُ والمُجتمعُ لا يستطيعان إدراكَ جَوْهَرِ الوُجود_ واقعيًّا وذهنيًّا_ إلا بتحويل الأشكال البدائية للوَعْي الإنساني إلى تيَّارات فكرية قادرة على طرحِ الأسئلة المصيرية ، والجَمْعِ بين المَصلحةِ الشخصية والمَنفعةِ الجَمَاعِيَّة ، ضِمْن فلسفة الفِعْل الاجتماعي الذي يُعيد الاعتبارَ لإنسانيةِ الإنسان ، عن طريق تكريس الأحداثِ اليومية والوقائعِ التاريخية كإحساسٍ مُتَجَدِّد بقيمة الذات ، وَلَيْسَ وسيلةً لخداع الذات . وهذا يَعْني أنَّ العلاقات الاجتماعية لا تُصبح أنظمةً حياتيةً فَعَّالَةً إلا إذا امتلكَ الإنسانُ القُدرةَ على صناعةِ الحَاضِرِ،وعدمِ الهُروبِ مِن الماضي،وامتلكَ المُجتمعُ السِّيَادَةَ على مَسَارِه_ جَوهريًّا وشكليًّا_. وعمليةُ خِدَاعِ الذاتِ هي مُحاولة يائسة للإفلات مِن الحواجزِ الزمنية والحُدودِ المكانية،لأنَّ الإنسان لا يَتَحَرَّك في الفَرَاغ ، ولا يُوَلِّد أفكارَه مِن العَدَم . إنَّ الإنسانَ كائنٌ خاضعٌ لأنماطِ الحياة التي يُفْرِزُها الزمنُ ، وكَينونةٌ تابعةٌ للتَّنَوُّع الثقافي الذي يُفْرِزُه المَكَانُ . وبالتالي ، مُوَاجَهَةُ الذاتِ أفضل مِن خِدَاعها ، وإيجادُ أجوبة وجودية منطقية عن الأسئلة المصيرية أكثرُ جَدْوَى وأهميةً مِن الالتفافِ على الحقيقة ، والتَّهَرُّبِ مِن التحديات.

3

     الأساسُ الفلسفي لمنهج التحليل الاجتماعي يقوم على رُكْنَيْن : تحرير الإنسان وحُرِّية المُجتمع ، وهذا يَضمن انتقالَ الأحلامِ الفرديةِ والطُّموحاتِ الجَمَاعية مِن قَبْضَةِ الزَّمَن إلى أُفُقِ التضامن الاجتماعي ، ومِن حَيِّزِ المَكَانِ إلى فضاءِ التفاعل الرمزي بَين اللغةِ والفِعْلِ ، ومِن دوافعِ الغريزة إلى سِيَادَةِ المعايير الأخلاقية . وعمليةُ الانتقالِ لا تَحْدُث بِمَعْزِل عن العقل الجَمْعِي ، لأنَّه أساسُ التجانسِ الثقافي ، ومَنْبَعُ التواصلِ اللغوي ، ومَصْدَرُ الشُّعُورِ والوَعْيِ . والعَقْلُ الجَمْعِي يُمَارِسُ سُلطةَ المعرفة في العلاقات الاجتماعية لتخليصها مِن الهَيمنة والتَّبَعِيَّة، ويَضَعُ الشروطَ لتحقيق المُصلحة المشتركة بين الإنسانِ والمجتمعِ . وهذه الشروطُ مُترابطة معَ بُنيةِ الواقع المُعَاصِر ، الذي يُقَدِّم فهمًا جذريًّا لمنظومةِ النَّقْدِ والنَّقْضِ الخَاصَّةِ بالسِّيَاق الزمني الذي نَشَأتْ فيه فلسفةُ الفِعْلِ الاجتماعي ، التي تَحْمِي الأحداثَ اليوميةَ والوقائعَ التاريخيةَ مِن التَّحَوُّلِ إلى سِلَعٍ ثقافية للاستهلاك الأيديولوجي . وإذا كانَ الفِعْلُ الاجتماعي يُفَسِّر الواقعَ المُعَاصِرَ ويُغَيِّره ، باعتباره كِيَانًا فكريًّا احتماليًّا ، ولَيْسَ شيئًا حتميًّا ، فإنَّ سُلطة المُجتمع المعرفية تُفَكِّك شخصيةَ الإنسانِ وتُرَكِّبها ، باعتبارها مَاهِيَّةً وُجوديةً نِسْبِيَّةً ، ولَيْسَتْ حقيقةً مُطْلَقَةً ، مِمَّا يُؤَدِّي إلى إعادة بناء شخصية الإنسان مِن مَنظور واقعي ، يتعامل معَ حيويةِ العقلِ الجَمْعِي كأداةٍ للإنقاذ، ولَيْسَ عِبئًا ثقيلًا يتمُّ التخطيط للتَّخَلُّص مِنه ، ويُؤَدِّي _ كذلك _ إلى إعادة بناء التنظيم الاجتماعي مِن مُنْطَلَق عقلاني ، يتعامل معَ انفجار الطاقة الرمزية اللغوية كآلِيَّة للخَلاصِ ، ولَيْسَ شِعاراتٍ رَنَّانَة يتمُّ المُتاجرة بها لتحقيق مكاسب شخصية . واتِّحَادُ المَنظورِ الواقعي معَ المُنْطَلَقِ العقلاني يُسَاهِم في اكتشاف جُذورِ الحُلْمِ الإنساني الذي تعيش فيه الأنساقُ الثقافية ، ويَعيش فِيها ، كما يُسَاهِم في مَنْعِ المُجتمع مِن التَّحَوُّل إلى هِجْرَة وجودية مُستمرة مِن الأحلام الوردية إلى الكوابيس المُزْعِجَة .